خبرتي في العيش بمفردي

اختيار العيش بمفردك يعتبر من القرارات الصعبة التي يمكن أن تتخذها، فالبعض يتخذ هذا القرار من أجل الاستقلالية، وهناك من يعيش بمفرده بسبب ظروف عمله في دولة أو مدينة أخرى بعيدة عن موطنه ومسقط رأسه، وهناك المزيد والمزيد من الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى اتخاذ مثل هذا القرار، وهناك أيضاً من يرى أن العيش وحيداً هو قرار سليم وله العديد من المميزات، لكن يرى البعض الآخر أن العيش بمفردهم له العديد من السلبيات..

فإذا كنت أو كنتِ تفكرين في العيش بمفردك لكن مازلتِ عالقة بين أفكارك، اقرأي معنا خبرة فتاة مرت بتلك التجربة المثيرة!

نهى أحمد

3 سنوات من العيش بمفردي..

في البداية، كان اتخاذ هذا القرار صعب بالنسبة لي ولعائلتي، فقد كنت خائفة من صعوبة السفر والعيش وحيدة بلا أهل أو أصدقاء في مكان جديد بسبب ظروف عملي الجديد، وكنت أفكر كثيراً في عدم اتخاذ هذه الخطوة بسبب اعتمادي الكامل على عائلتي في مختلف الأمور من الطعام والشراب ونظافة غرفتي، ومساعدتي في أداء بعض المهام الصعبة التي تحتاج للتحرك إلى أكثر من مكان، ومن جهة أخرى كانت عائلتي رافضة لهذه الفكرة في البداية بسبب خوفهم الزائد، وبسبب أن مثل هذه القرارات تعتبر غير مقبولة أحياناً بالنسبة لمجتمعنا الشرقي الذي يرى أن الفتاة يجب أن تتزوج بعد الانتهاء من دراستها الجامعية وتستقر في بيت زوجها، لكن مع الوقت بدأت تتغير وجهة نظر عائلتي تجاه هذا القرار..

العام الأول من سفري والعيش بمفردي كان يعتبر من أصعب السنوات التي مررت بها في حياتي، فكان يجب أن أطعم نفسي، وكنت في أغلب الأحيان أقوم بشراء الأطعمة الجاهزة لكن هذه الأطعمة كانت تكلفني الكثير من الأموال وبالإضافة إلى أنها تعتبر غير صحية 100%، وكانت تسبب لي الزيادة في الوزن، وكنت أعاني دائما من عدم نظافة منزلي بسبب العودة من العمل منهكة وغير قادرة على القيام بأي شيء، وعندما كنت أمرض كنت أعاني كثيراً بسبب عدم وجود أحد للإعتناء بي والإهتمام بسلامتي..فكل هذه الأمور كانت صعبة للغاية بالنسبة لي..

في العام الثاني، بدأت أهتم بإعداد الطعام بنفسي، فهو الأفضل بالنسبة لي من ناحية توفير أموالي وفي الحفاظ على صحتي ووزني أيضاً، وبدأت أقوم بشراء الأطعمة الجاهزة على فترات متباعدة وليس بصفة دائمة، كما قمت بتخصيص فترة معينة في يوم عطلتي لتنظيف المنزل، وبدأت في القيام بغسل الصحون فور الإنتهاء من تناول الطعام حتى لا تتراكم في نهاية الأسبوع ويصبح الأمر أكثر صعوبة، وكذلك خصصت وقت معين للتحدث مع عائلتي يومياً حتى نتشارك أخبارنا وأصبحنا أكثر تقرباً عما مضى، وبدأت في أخذ احتياطاتي في حال مرضت أو أصبت بعدوى، وكذلك أصبحت أهتم بتناول المشروبات الغنية بالأعشاب الطبيعية وتناول الخضروات والفاكهة للوقاية من أي مرض قد يصيبني..

وكنت أعاني من الوحدة في الكثير من الأوقات، فلم يكن لدي أي أصدقاء ولم تتسنى لي فرصة التعرف على أشخاص لهم نفس اهتماماتي، حيث أن طبيعتي خجولة ولا أعرف كيف أكتسب أصدقاء جدد وكانت علاقتي بالأشخاص في مكان عملي هي علاقة زمالة فقط، وكنت في أغلب الأحيان أخرج بمفردي وأقوم بممارسة هواياتي، كنت أشعر بمتعة أحياناً لكن في نفس الوقت يحتاج أي إنسان وجود شخص بجانبه يشاركه تفاصيل حياته..

وفي عامي الثالث بدأت أن أكون شخصية اجتماعية، وأكون صداقات جديدة في مكان عملي، ومن خلال ذهابي إلى أماكن لممارسة هوايتي المفضلة "الرسم" بدأت أتعرف على أشخاص جديدة لديهم نفس هوايتي واهتماماتي، وأصبحت لدي دائرة أصدقاء مقربين لي مما جعلني أشعر براحة كبيرة لوجود أشخاص بجانبي يشاركوني تفاصيل حياتي وأنشطتي المفضلة..

في نهاية الأمر أود القول بأن العيش بمفردي جعلني أكون أكثر تحملاً للمسئولية والمتاعب، كذلك جعلني قادرة على اتخاذ أهم القرارات في حياتي العملية والشخصية، وبدأت في الاعتماد على نفسي بشكل أكبر في الطعام والشراب والنظافة، وأصبحت أقل إسرافاً وأكثر تحكماً في ميزانيتي، وبدأت في الاستغناء عن الأشياء التي قد لا تعتبر أساسية بالنسبة لي..

على الرغم من أن أصبح لدي العديد من الأصدقاء لكن أحياناً أشعر بالوحدة وأنني بحاجة إلى عائلتي لأنهم الأقرب لي، لكن التحدث معهم يقلل هذا الشعور الداخلي الذي يراودني من حين لآخر..

يجب أن تعلمون جيداً أن قرار العيش بمفردكم ليس من السهل اتخاذه، ستقابلون الكثير من المتاعب، لكن أيضاً ستكتسبون خبرة كبيرة من خلال هذه التجربة الممتعة..فهل ساعدتكم خبرتي في اتخاذ القرار المناسب لكم بعد؟!